جامعة العيون.. عطاء بلا حدود! احمد ولد محمد ولد نافع

جمعة, 15/01/2021 - 09:20

تعتبر جامعة العلوم الإسلامية بلعيون الرائدة في مجال التعليم العالي و البحث العلمي و كذا التعليم عن بعد الذي تتطلبه المرحلة بسبب جائحة كورونا التي إحتاجت البلد و مازالت موجتها الثانية ترخي بظلالها و تؤرق الناس، فبالرغم من صغر سنها من حيث النشأة و الإستحداث ناهيك عن بعدها الجغرافي لأنها تقع في أقصى الشرق الموريتاني بمسافة تبعد ثمانمائة و عشر كيلومترات من العاصمة نواكشوط، إلا أنها حققت نجاحا باهرا و قطعت خطوات كبيرة على طريق التقدم العلمي و المعرفي لم تصل إليها أي من نظيراتها الأخريات في القطاع رغم توفر الوسائل و الإمكانيات الهائلة التي ترصد سنويا لهذه المؤسسات العلمية، و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر جامعة نواكشوط العصرية بكافة تخصصاتها و التي أنشئت منذ ثمانينيات القرن الماضي و وفر لها من الوسائل و اللوازم المادية و الآليات ما لم يحصل عليه غيرها، و رغم ذلك كله مازالت عاجزة لم تقدم جديدا و لم تحرك ساكنا أو تبارح مكانها في إتجاه الأخذ بالتقنيات الحديثة و عصرنة العلوم و المعارف، و التي بات من السهل و من الضرورة بمكان ترسيخها في أذهان المتلقين عبر وسائط إلكترونية بسيطة كانت عصية قبل مجيئها فصارت بذلك سهلة و سريعة في متناول أيدي الجميع، و بالرغم من هذا كله لم تستفد جامعة نواكشوط من تجارب قريناتها في الجوار اللائي قطعن كذلك أشواطا كبيرة نحو التنمية الفكرية لدى الطلبة و الأساتذة على حد السواء مما ساهم في مسايرتهم للركب العلمي و المعرفي حول العالم و ترك الباب مفتوحا أمام الولوج إلى الخدمات الرقمية عن طريق برامج تقنية غاية في الدقة..
و بالعودة لجامعة العلوم الإسلامية بلعيون فإنها إستطاعت أن تقفز و في ظرف وجيز نحو تعليم متميز يرقى لتطلعات الطلبة لأنه يعتمد في مجمله نظام "LMD" و يطبق المعايير العلمية المتبعة في الجامعات و المعاهد و المدارس العلمية حول العالم و يراعى مدى أهمية الربط بين التخصص و متطلبات سوق العمل، و لأنها سباقة في هذا المجال فقد أطلقت جيلا من الوحدات العلمية بالسلك الأول و الثاني دون أن يؤثر ذلك على سير عملها و طاقمها المميز على المستوى الوطني، حيث إستحدثت في هذا الإطار فروعاً في الخارج و بتخصصات تحت الطلب يتلقى أصحابها الدروس و المحاضرات عن بعد عبر تقنيات رقمية و عن طريق وسائط إلكترونية مثل " Google mait, Microsoft teme, zoom "يشاهدها الطالب بالصوت و الصورة، ساعدت هؤلاء المتلقين من مواكبة أقرانهم و زملائهم في الجامعة نفسها لأنهم يدرسون بالتوازي معهم و يعدون بحوثهم و إمتحاناتهم الفصلية في بالتوازي معهم لأن برنامجهم التعليمي موحد؛ و في هذا الإطار فإن الجامعة دأبت على إيفاد طاقم متمرس يشرف على سير الإمتحانات حيث تجرى في ظروف حسنة و من المقرر أن تكون داخل سفارات و قنصليات الجمهورية الإسلامية الموريتانية بأماكن تواجد الجالية، كما هو الحال بالنسبة لقنصليتنا بجدة بالمملكة العربية السعودية و كذا الإمارات العربية المتحدة و التي إستحدث بها مؤخرا فرعا للجامعة يتلقى طلبته حاليا تعليمهم عن بعد في إنتظار إنتهاء الجائحة التي أدت لتوقف سفر الأطقم الإمتحانية عبر المطارات لكي تستأنف نشاطها و تجري إمتحاناتها كما كان مقررا، و الآن تتطلع الجامعة لفتح فروع جديدة في أماكن أخرى حول العالم خدمة لأفراد الجالية و منحهم فرصا لإكمال دراستهم دون تنقل من أماكن إقامتهم، و هو ما جعل الجامعة تعمل على قدم و ساق لتحقيق ذلك و إستئناف الدراسة حال إختفاء وباء كورونا القاتل، و قد أشاد الطلبة المستفيدون من هذا التعليم عن بعد بالدور الريادي الذي لعبته الجامعة حيث كانوا شبه منقطعين عن العالم لأن فرصهم في التسجيل بالجامعات و المؤسسات العلمية بهذه الدول تكاد تكون معدومة لأنها مقيدة بسبب الإجراءات القانونية المتبعة، و كذا غلاء تكاليف التعليم العالي بهذه الدول، ناهيك عن قلة ذات اليد لدى البعض من هؤلاء الشباب ممن لم تساعدهم الظروف في إكمال تعليمهم العالي بالوطن و أجبروا لسبب أو آخر على الهجرة قسرا بحثا عن لقمة العيش من فقدوها على أرضهم للأسف الشديد، و هو ما إستدعى من الجامعة التدخل و مد يد العون لهؤلاء الطلبة فقدمت بذلك طلبا وجيها للجهات الحكومية المختصة و كذا القيمين على الشأن العام حينها، و نظرا لجدية الجامعة و حنكة أطقمها العلمية و رباطة الجأش عندهم و وقوفهم عند الأمر و دفاعهم المستميت عنه فقد جاء الرد سريعا بالموافقة و كان لهم ما أرادوا، و تحققت على أيديهم أحلام كانت صعبة المنال و تمت الأمور على ما يرام و طويت بذلك مسافات شاسعة كانت حائلا كبيرا دون إستفادة أصحابها من حقوقهم الطبيعية من يكفلها القانون و هو ما أستحقت عليه الجامعة و أطقمها العلمية الإشادة و التكريم..
و من وجهة نظري المتواضعة- و إعترافا مني بالجميل لأني كنت أحد طلبتها الخريجين حديثا بمجال حيوي كان له الدور الكبير في نجاة مستخدميه من الناحية الشرعية، لأنه يعتمد في مجمله النظم الفقهية المتبعة في المعاملات الإسلامية و المأخوذة أصلا من شريعتنا الإسلامية السمحاء، ناهيك عن عدم تأثر هؤلاء المستخدمين و مؤسساتهم المالية بالأزمة الاقتصادية الأخيرة من عاش على وقعها العالم و راح ضحيتها الكثير من البنوك و المصارف عبر أنحاء المعمورة بإستثناء من وُفقوا في إستخدام هذا النهج السليم، لأنهم وجدوا فيه ضالتهم فكان لهم بمثابة طوق نجاة من الناحيتين الشرعية و الإقتصادية فعرفوا بذلك أنه المخلص الوحيد من درن المعاملات الربوية من تورد صاحبها النار و تهوي به للقاع و تدعه يتخبط كمن مسه الجان، ألا و هو الإقتصاد الإسلامي من أصبح رائدا و تخصصا تتسابق الجامعات و المعاهد في إعتماد برامجه الإقتصادية و تدريسها على كافة المستويات- أن الجامعة لو أعطيت الوسائل و وفرت لها كافة اللوازم و ذللت لها الصعاب لحققت الكثير و الكثير كما تلاحظون على أرض الواقع رغم شح الموارد، و ذلك عائد لمدى تمرس و حنكة أطقمها العلمية أهل العلم و الدراية بالمجال ناهيك عن طريقة أدائهم و تقديمهم للدروس بالطرق البيداغوجية الحديثة المتداولة، و هي لعمري سانحة أنتهزها لأبارك لشخص رئيس الجامعة ذاك الدكتور المعروف بالإتزان و الجدية و لبقية طاقمه المتميز من أكن لهم التقدير و الإحترام لما تلقيته على أيديهم من علوم و معارف كان لها الأثر البالغ في تحديد نفسيتي و أدلجتي؛ و هنا أدعو القيمين على الشأن العام تحديد الأولويات و إعطاء كل ذي حق حقه و تكافؤ الفرص بين الأوساط المجتمعية و منح الجامعة موضوع التدوينة كافة الصلاحيات و دعمها و أهلها بشتى السبل حتى يحققوا لنا و لوطننا ما عجزنا عنه منذ زمن بعيد، لأنهم قادرون على أن يضعوا تعليمنا العالي على السكة الصحيحة لنساير بذلك الركب الحضاري و الفكري و ندخل فلك النهضة العلمية و الفكرية من نصبو إليها و نتطلع إلى أن يمخر عبابها أجيالنا المستقبليين بحول الله و قدرته.
كامل الود.
#نعم_لدعم_العلوم_والمعارف
الكاتب: أحمد ولد محمد ولد نافع
خريج قسم الإقتصاد الإسلامي بجامعة العلوم الإسلامية بلعيون.