‎وصول ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي الى خدمات الحماية

أربعاء, 23/06/2021 - 12:43

‎وصول ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي الى خدمات الحماية

حنان احمد الولي

تعتبر قصة عيشاتا.ص مثالاً قويا للعنف على النوع
عيشاتا هي فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً. وحتى وقت قريب كانت عيشاتا تعيش مع والديها وإخوتها الصغار في (نتّگ) في مدينة انواكشوط. و ُتعتبر أسرة عيشاتا أسرةً محافظةً تعتمد على التقسيم التقليدي للأدوار بين الجنسين حيث تتحمل والدتها مسؤولية إدارة المنزل والطبخ ورعاية الأطفال فيما يتولى والدها صنع القرارات وإعالة الأسرة. وعلى الرغم من فقر الأسرة إلا أن عيشاتا كانت تذهب إلى المدرسة العامة كاغلبية اطفال الحي. وقبل ثلاثة أسابيع صارحها والدها بأنه لم يعد بمقدوره تحمل أعباء رعايتها وتعليمها نظراً لقلة الامن في حيهم وأنه قد رتب أن تذهب للعيش مع أسرة ابن عمه في مقاطعة تعتبر اكثر امناً نسبياً في العاصمة. إذ كان رب تلك الأسرة، البالغ من العمر 42 عاماً، قد توفيت زوجته مؤخراً وأصبحت الأسرة بحاجة إلى شخص يساعد في رعاية الأطفال وشؤون البيت ويعمل على راحة الاب. عقد قران عيشاتا على الرجل في عجالة ثم أخذها إلى بيته.بعد أسبوعين من المعاناة في حياة زوجية لم تكن تعلم شيء عنها لم تعد عيشاتا تستطيع التحمل فاتصلت بوالدها تتوسل إليه أن يسمح لها بالعودة إلى البيت، لكن رده جائها صادماً حيث انزعج من اتصالها وقال لها : أرجو منِك ان لا تكلميني بمثل هذه الأمور مرة أخرى فهذه امور بينك وبين زوجك؛ أنت زوجة الآن يا عيشاتا وعليِك مسؤوليات يجب ان تتحمليها. إنه رجل صالح ويستطيع أن يوفر لك بيتاً وأن يعطينا بعض المال لمساعدتنا في متطلبات الحياة. لقد ساعدت أهلك بزواجك من هذا الرجل يا عيشاتا، أرجوك لا تجلبي لهم الخزي بتصرفك بهذه الطريقة.
شعرت عيشاتا بالحزن والخوف، حيث انتابها إحساس بأنها محاصرة في منزل هذا الرجل ولا تدري ماذا تفعل. شعرت بأنه ليست لديها أي خيارات واستسلمت.

في ما يتعلق بالعنف القائم على النوع فاننا في موريتانيا لا نعرف سوى عدد الأفراد الذين يبلغون، وليس كل الذين تعرضوا لهذا النوع من العنف. لذا فمن الصعب للغاية معرفة معدل انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي نظراً لطبيعته الخفية ولأن الكثير من حوادثه تمر دون الإبلاغ عنها. إذ تحرص العائلات على إخفاء حالات الاغتصاب بسبب الأعراف الثقافية ولا تحاول حتى الحصول على أي دعم أو خدمات. وقد وقف ذلك عقبة أمام توفير الخدمات المهمة والمطلوبة للناجيات من العنف.
خروج المرأة من دائرة العنف يتطلب تمكينها اقتصاديا، حتى تستطيع مواجهة العنف والسعي للحصول على الحماية والعدالة، دون تهديد لحياتها أو قدرتها على الاستقلال. وهذا يتطلب اتخاذ خطوات جدية لمجابهة الظاهرة وتوسيع آليات حماية للمرأة المعنفة، والعمل على بناء قاعدة بيانات موحدة حول مدى انتشار هذه الظاهرة. أن ظاهرة العنف ضد المرأة اصبحت تثير القلق، فقد وقعت مؤخراً جرائم عديدة من ضمنهم اغتصاب وقتل وشروع بالقتل بحق النساء والفتيات شكلت صدمة للمجتمع مع العلم ان ماخفي كان اعظم، فمستوى التبليغ عن الجرائم المتعلقة بالنساء متدني جداً لان معظم الاسر لازال يتستر عليها.

تقول م أ ح 18 سنة من مدينة انواذيبو :

"عودني اخي الكبير على الانصياع لاوامره منذ وفاة ابي فقد اصبح حينها هو الذي ينفق علينا. كنت اغسل ملابسه و اطهو الطعام الذي يريده وحين يتغير قليلاً عن مايتوقع يهينني ويهم بضربي. اسهر معه في الليالي التي يزوره فيها رفاقه لاصنع لهم الشاي الذي لا يملون من شربه الكأس تلو الاخرى حتى يقترب الفجر في احيان كثيرة. لكن ماقبل كورونا كان جنة مقارنة بما حصل لي في فترة الحجر العام الماضي، فقد لزم اخي البيت بعد ان خسر عمله في المطعم واصبح عمله مراقبتي واهانتي وضربي على اتفه الاسباب. في ليلة من ليالي الحجر كنت اهم بطهو العشاء لكني فوجئت بان قنينة الغاز قد نفدت وليس لدي فحم تسللت الى الجيران لعلي اجد من يساعدني لكني عدت خائبة، لم يعد لدي الا ان اخبر اخي واواجه غضبه رغم اني لم احسبه سيصل لذاك الحد. لكنه قام بشتمي ونعتني بالعالة عليهم وبعدها ضربني بكل ما اوتي من قوة حتى تعب فاستعان باداة ما لم اعرف ماهي ضربني بها حتى سقطت على الارض مغمى علي وجسدي ينزف من اماكن مختلفة صرخت امي لانه لم يتوقف عن ضربي حتى بعد ان فقدت وعيي حينها جاء الجيران وذهب بي احدهم الى المستشفى الذين رفضو ان علاجي قبل حضور الشرطة. حين استفقت في المستشفى وجدت امي بقربي وقبل اي شيء طلبت مني ان اقول باني سقطت وان لا ابلغ عن اخي، ففعلت بروراً لها."
وفي هذا الصدد تقول حليمة احمد طالب رئيسة جمعية تعليم وصحة المرأة والطفل (AESFE) والناشطة في المجتمع المدني :

"العنف القائم على النوع الاجتماعي هو اعتداء على كرامة المرأة كبشر لهذا تجب محاربته بقوة وليس فقط من قبل النساء ولكن من قبل جميع شرائح ومكونات المجتمع. يجب اصدار وتطبيق القوانين التي تجرم فعله، في سبيل ذلك يجب ان يعمل جميع الفاعلين من القادة الدينيين وقادة الرأي والاكاديميين والمحامين والمجتمع المدني وجميع اولئك الذين يريدون عالماً يسوده السلام حيث تتم حماية حقوق الانسان، على ايصال اصوات من يعانون وخاصة النساء لاسترجاع الحقوق المدنية والاجتماعية. كما يجب رفع الوعي لدى الاسر لتغيير الفكر السائد في مجتمعنا، ليعرف الكل ان العنف والاغتصاب ليس ذنب النساء انما هو جرم تجب معاقبة مرتكبه. لن يمكن للمراة الوصول الى خدمات الحماية الا من خلال التعبئة المجتمعية والدعم القانوني والجنائي والمساعدة المعنوية والنفسية واخيراً من خلال الدعوة واسعة النطاق التي تجب على الكل من اجل عيشٍ كريمٍ وتماسكٍ اجتماعي.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.